أشبال الأطلس يواصلون تألقهم ويقدمون عرضاً هجوميًا مذهلاً، محققين فوزاً تاريخياً يعزز آمالهم في التأهل إلى الأدوار الإقصائية ويؤكد مكانتهم بين أفضل فرق البطولة
| أسود الأطلس يسحقون كاليدونيا الجديدة بستة عشر هدفًا |
حقق المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة انتصارًا استثنائيًا يُعد من بين أكبر النتائج في تاريخ مسابقات الفئات السنية، وذلك بعد تغلبه على منتخب كاليدونيا الجديدة بنتيجة عريضة بلغت 16 هدفًا دون مقابل. وجاء هذا الفوز خلال المباراة التي جرت اليوم الأحد، لحساب الجولة الثالثة والأخيرة من دور المجموعات في بطولة كأس العالم للفتيان المقامة بدولة قطر.
وشهدت أطوار المباراة سيطرة مطلقة من عناصر المنتخب الوطني، الذين أظهروا انسجامًا جماعيًا واضحًا، إضافة إلى نجاعة هجومية عالية استغلوها لترجمة أغلب الفرص السانحة إلى أهداف. كما برز اللاعبون من خلال سرعة التحول من الدفاع إلى الهجوم، والضغط المتواصل على دفاع المنافس الذي لم يتمكن من مجاراة الإيقاع المرتفع للمباراة.
ويعكس هذا الفوز المستوى المتطور الذي وصل إليه المنتخب المغربي في السنوات الأخيرة على مستوى التكوين والبنيات التحتية وبرامج إعداد الناشئين، حيث بات المغرب أحد أبرز الأسماء الصاعدة في كرة القدم الإفريقية والعالمية في الفئات العمرية الصغيرة، بفضل رؤية واضحة واهتمام متزايد بالمواهب.
وبهذا الانتصار، يكون المنتخب المغربي قد أكد أحقيته في التأهل إلى الأدوار المقبلة بثقة كبيرة، كما بعث رسالة قوية لمنافسيه مفادها أنه منافس جدي على اللقب، وقادر على الذهاب بعيدًا في البطولة، خاصة مع الروح الجماعية والتناغم الفني الذي أبان عنه اللاعبون في مختلف المباريات.
انطلق أشبال الأطلس في المباراة بأسلوب هجومي واضح منذ الدقائق الأولى، معتمدين على الضغط العالي وسرعة الانتشار في مناطق الخصم. ولم تمض سوى ثلاث دقائق حتى تمكن اللاعب بلال سقراط من افتتاح حصة التسجيل بعد جملة تكتيكية منسقة استغل من خلالها سوء تموقع دفاع كاليدونيا الجديدة، ليمنح المنتخب الوطني أفضلية نفسية مبكرة.
هذا الهدف المبكر عزز ثقة اللاعبين، فواصلوا التحكم في نسق اللعب وخلق فرص متعددة أمام المرمى. وفي الدقيقة 11، عاد المنتخب المغربي ليؤكد أفضليته بإضافة الهدف الثاني عن طريق اللاعب وليد بن صالح الذي أنهى هجمة منظمة بتسديدة قوية لم تترك أي فرصة لحارس المرمى للتصدي لها.
ولم يتراجع النسق الهجومي للمغاربة، بل استمر الضغط المكثف على دفاع الخصم الذي بدا عاجزًا عن مجاراة سرعة التمريرات وتبادل المراكز بين لاعبي الهجوم. ومع حلول الدقيقة 18، تمكن نفس اللاعب، وليد بن صالح، من إضافة الهدف الثالث، بعد اختراق ناجح لمنطقة العمليات وتسديد الكرة بدقة نحو الشباك، ليترجم بذلك التفوق التقني والبدني للمنتخب المغربي منذ البداية.
هذا الانطلاقة القوية كانت بمثابة إعلان واضح عن نوايا أشبال الأطلس في السيطرة على مجريات المباراة وتحقيق نتيجة كبيرة تعكس العمل الجاد والتحضير الجيد قبل البطولة.
واصل المنتخب المغربي ضغطه الهجومي دون توقف، مستغلاً حالة الارتباك الواضحة في صفوف دفاع كاليدونيا الجديدة. ومع مرور الدقائق، برزت الفوارق الفنية والبدنية أكثر، خاصة في الثلث الأخير من الشوط الأول، حيث توالت الأهداف بشكل سريع ومتقارب.
ففي الدقيقة 40، وقع عبد العالي الداودي على الهدف الرابع بعد متابعة ذكية لكرة داخل منطقة الجزاء، ليعود اللاعب نفسه بعد دقيقتين فقط ويضيف الهدف الخامس بطريقة تؤكد قدرته الكبيرة على التمركز الجيد وإنهاء الهجمات بفعالية. وأظهر الداودي في هذين الهدفين انسجامًا مميزًا مع زملائه، بالإضافة إلى حس تهديفي عال.
وقبل نهاية الشوط الأول بدقائق قليلة، واصل المنتخب المغربي استثماره للفرص المتاحة، فتمكن إلياس حيداوي من تسجيل الهدف السادس في الدقيقة 44 بعدما استغل تمريرة عرضية محكمة، ليضع الكرة في الشباك بثقة ودقة.
وفي الوقت الذي كان الجميع يترقب صافرة نهاية الشوط الأول، أضاف زياد باها الهدف السابع في الدقيقة الثانية من الوقت بدل الضائع، بعدما وجد نفسه في وضع مناسب للتسديد، ليختتم بذلك شوطًا أولًا كان عنوانه السيطرة الكاملة والفعالية الهجومية العالية من جانب أشبال الأطلس.
هذا الأداء القوي في الشوط الأول عكس الفارق الكبير بين المنتخبين من حيث التنظيم التكتيكي والجاهزية الذهنية، وأكد تصميم اللاعبين على تحقيق نتيجة تاريخية غير مسبوقة.
اما في الشوط الثاني، فلم يكتف المنتخب المغربي بالنتيجة العريضة التي أنهى بها الشوط الأول، بل واصل بنفس الإيقاع الهجومي العالي، مؤكداً رغبته في ترسيخ تفوقه وتسجيل انتصار تاريخي بأكبر عدد ممكن من الأهداف. وقد ظهر منذ اللحظات الأولى للشوط الثاني أن اللاعبين ما زالوا يمتلكون طاقة كبيرة وتركيزًا عاليًا، مما جعل الخط الأمامي يواصل صناعة الفرص وإحراج دفاع منتخب كاليدونيا الجديدة الذي بدا منهارًا تمامًا.
وجاء الهدف الثامن عن طريق زكرياء الخلفيوي في الدقيقة 49، بعد عمل جماعي منسق أنهاه بتسديدة ناجحة داخل منطقة الجزاء. وبعده بدقيقة واحدة فقط، عاد زياد باها ليسجل الهدف التاسع، مستفيدًا من ارتباك دفاع الخصم وعدم قدرته على إبعاد الكرة بالشكل المطلوب. أما ناهل حداني، فقد أكد حضوره القوي في هذه المباراة بتسجيله هدفين متتاليين في الدقيقتين 56 و59، مستعرضًا سرعة عالية ومهارة كبيرة في اختراق خطوط الدفاع وإنهاء الفرص بثقة.
وفي الدقيقة 73، أضاف عبد الله وزان الهدف الثالث عشر للمنتخب، قبل أن تشهد الدقيقة 75 تسجيل هدف عكسي من أحد مدافعي منتخب كاليدونيا الجديدة، بعد محاولة فاشلة لإبعاد الكرة، ليزيد غلة الأهداف دون تدخل مباشر من لاعبي المغرب.
ولم يتوقف السيل الهجومي عند هذا الحد، حيث واصل اسماعيل العود تألقه بتسجيل هدفين آخرين في الدقيقتين 80 و90، مستغلاً المساحات الواسعة داخل منطقة العمليات. ثم اختتم عبد الله وزان مهرجان الأهداف في الدقيقة 92، مضيفًا الهدف الأخير في اللقاء، ليؤكد التفوق المطلق لأشبال الأطلس في هذه المواجهة.
وبهذا الفوز الكاسح، يعزز المنتخب المغربي حظوظه في التأهل إلى الأدوار الإقصائية كأحد أفضل المنتخبات التي احتلت المركز الثالث في دور المجموعات. كما يبعث هذا الانتصار برسالة قوية مفادها أن المغرب يملك جيلًا واعدًا قادرًا على المنافسة بقوة على المستويات القارية والعالمية، بفضل الانضباط التكتيكي والمهارات الفردية والروح الجماعية التي ظهر بها اللاعبون طوال المباراة.