تصريحات متضاربة بين الولايات المتحدة وإسرائيل والمكسيك وسط استمرار التوتر الإقليمي وصراع النفوذ الأمني والاستخباراتي بين طهران وتل أبيب
| إسماعيل بقائي الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية |
رفضت إيران، الإثنين، الاتهامات الصادرة عن السلطات الأميركية التي تتحدث عن تورط طهران في التخطيط لاغتيال السفيرة الإسرائيلية لدى المكسيك، إينات كرانز نايغر. واعتبرت طهران أن المزاعم الأميركية "سخيفة" ولا تستند إلى أي أدلة قابلة للتحقق، مؤكدة أنها تأتي في سياق ما وصفته بـ"حملة سياسية وإعلامية تستهدف تشويه علاقاتها الخارجية".
وتأتي هذه التصريحات بعد إعلان وزارة العدل الأميركية، الجمعة، إحباط ما قالت إنه مخطط اغتيال يستهدف السفيرة الإسرائيلية في المكسيك. ونقلت وسائل إعلام أميركية عن مسؤول، رفض الكشف عن اسمه، قوله إن المخطط يعود إلى أواخر عام 2024، وإنه نُسج من خلال تجنيد عناصر عبر السفارة الإيرانية في فنزويلا. ولم تقدّم واشنطن، حتى الآن، تفاصيل دقيقة حول الجهة التي اعتُقل أفرادها أو طبيعة الأدلة التي تستند إليها في اتهاماتها.
ورحّبت وزارة الخارجية الإسرائيلية بالإعلان الأميركي، ووجّهت الشكر للسلطات المكسيكية على ما وصفته بأنه "إحباط شبكة إرهابية تديرها إيران". غير أن الخارجية المكسيكية أوضحت لاحقًا أنها "لم تتلق أي معلومات رسمية" حول الحادث أو تفاصيله، مشيرة إلى أنها لم تُبلّغ بأي إجراءات أمنية أو قضائية خاصة بعملية الإحباط المزعومة، وهو ما أضفى مزيداً من الغموض على القضية.
من جانبها، وصفت السفارة الإيرانية في العاصمة المكسيكية الاتهامات بأنها "افتراءات إعلامية وكذبة كبيرة"، مؤكدة أن ما يجري تداوله "لا يستند إلى وثائق أو أدلة حقيقية"، وأن الهدف منه "خلق صورة سلبية ومضللة عن إيران في أميركا اللاتينية، وزرع الشك في علاقاتها مع دول المنطقة".
وتشهد العلاقات بين إيران وإسرائيل توتراً مستمراً منذ عقود، ويتصاعد هذا التوتر مع الأحداث الإقليمية المتصلة بالنزاع الفلسطيني، إضافة إلى اتهامات متبادلة بين الطرفين بالضلوع في عمليات سرية وعمليات استهداف خارج الحدود. أما المكسيك، فتسعى عادة إلى التزام الحياد في الصراعات الدولية وتجنّب الانخراط في محاور سياسية، وهو ما يفسر حذرها في التعامل مع هذا الملف.
ولم تعلن السلطات المكسيكية حتى الآن عن فتح تحقيق رسمي في القضية أو إصدار تصريحات أمنية إضافية، فيما كررت إيران نفيها القاطع للمزاعم، مؤكدة أنها تعتبر ما نُشر "جزءاً من رواية سياسية لا تستند إلى وقائع راسخة".
وتأتي هذه التطورات في ظل توتر مستمر بين إيران وإسرائيل، حيث يتبادل الطرفان الاتهامات بالقيام بأنشطة استخباراتية وعمليات سرية خارج الحدود. ويُنظر إلى هذا النوع من الملفات على أنه امتداد لصراع أوسع يرتبط بقضايا إقليمية، من بينها الملف النووي الإيراني، والدعم الإيراني لفصائل في الشرق الأوسط، إلى جانب المواجهات غير المباشرة بين الجانبين في ساحات أخرى مثل سوريا ولبنان.
وفي هذا الإطار، يرى مراقبون أن الاتهامات الأخيرة، سواء ثبتت أو نُفيت، تعكس عمق حالة العداء المتجذّرة بين الطرفين، وتبرز كيف يمكن للتوتر السياسي أن يمتد إلى الساحة الدبلوماسية الدولیة ويؤثر في علاقات دول أخرى ذات صلة مثل المكسيك وفنزويلا والولايات المتحدة.