برنامج الأغذية العالمي يحذر: الصومال قد تواجه "جوعًا كارثيًا"
أطلق برنامج الأغذية العالمي تحذيرًا بشأن الوضع الإنساني المأساوي في الصومال، حيث يشير إلى احتمالية مواجهة البلاد لـ "جوع كارثي" خلال الأشهر القادمة. يعاني ملايين الأشخاص في الصومال من نقص حاد في التغذية نتيجة لتأثيرات الجفاف والصراع والارتفاع الكبير في أسعار الغذاء.
ووفقًا لتقرير صادر عن البرنامج، يواجه 1.5 مليون شخص في الصومال حاليًا "أزمة" غذائية، أي أنهم يعانون من مستويات شديدة من الجوع. ومن المتوقع أن تزيد هذه النسبة لتشمل ربع سكان الصومال، وقد يصل الوضع إلى "حد الأزمة أو أسوأ" هذا العام، بسبب تأثيرات الجفاف والفيضانات الناجمة عن تغير المناخ.
وصفت الأمم المتحدة الفيضانات التي نجمت عن الجفاف التاريخي وأثرت على مئات الآلاف في الصومال ودول مجاورة في شرق إفريقيا بأنها حدث نادر يحدث مرة في القرن. وأشار بيتروك ويلتون، المتحدث باسم برنامج الأغذية العالمي في الصومال، إلى أن "مصادر الأرزاق والحياة معرضة للخطر، ومن المتوقع أن يواجه 4.3 مليون شخص (ربع السكان) جوعًا يصل لحد الأزمة أو أسوأ بحلول نهاية هذا العام".
وأضاف ويلتون أن "تأثيرات الصدمات المناخية، مثل الجفاف الذي أسفر عن خسائر فادحة في قطاع الماشية وتدمير واسع للمراعي والأراضي الزراعية، تعتبر تحديًا هائلاً للصومال، حيث تعمل الفيضانات الحالية على تعقيد جهود التعافي والإعمار".
وأضاف ويلتون أن "تأثيرات الصدمات المناخية، مثل الجفاف الذي أسفر عن خسائر فادحة في قطاع الماشية وتدمير واسع للمراعي والأراضي الزراعية، تعتبر تحديًا هائلاً للصومال، حيث تعمل الفيضانات الحالية على تعقيد جهود التعافي والإعمار".
وفي بلدة دولو التي تقع على الحدود مع أثيوبيا، تجسد الطرق المحولة إلى أنهار تدفق المياه الزائدة تحديات المواطنين، حيث يعانون من نقص حاد في الموارد الأساسية والسلع والوقود.
وفي تصريح لصاحب متجر، أكد أنهم لم يتلقوا الإمدادات الضرورية، مشيرًا إلى "نقص خطير في السلع والوقود والمواد الغذائية وكل الأشياء الأخرى في المدينة، ونحن نتوقع تأثيراً كبيرًا على حياتنا".
وكانت الفيضانات، التي بدأت في أوائل أكتوبر بعد هطول أمطار غزيرة، قد أسفرت حتى الآن عن مصرع 32 شخصًا على الأقل، وأجبرت أكثر من 456,800 شخص على النزوح في مختلف مناطق الصومال.
وفي هذا السياق، أكد ويلتون على أهمية استمرار الدعم الدولي لمواجهة تداولات الطبيعة القاسية، قائلاً: "يظل الدعم المتواصل من المجتمع الدولي أمرًا حيويًا لتلبية التحديات المتزايدة في الصومال".
السبب الرئيسي لهده الازمة:
الأزمة الإنسانية التي تعصف بالصومال في الوقت الحالي لها جذور عميقة تتأثر بالعديد من العوامل المتراكبة. يعد الجفاف المستمر الذي تشهده المنطقة منذ عام 2021 هو أحد الأسباب الرئيسية لتفاقم هذه الأزمة، حيث أدى إلى انخفاض كبير في إنتاج المحاصيل بنسبة تصل إلى 80٪ في بعض المناطق.
تتسبب الظروف الجوية القاسية في تقليل إمكانية الحصول على الطعام، وتجعل الموارد المحلية لا تلبي حاجة السكان. الأمر الذي يجعل الناس يعيشون في ظروف إنسانية صعبة للغاية. ولكن ليس هذا فقط، حيث تسهم النزاعات المستمرة في البلاد، والتي تدور بين الحكومة الاتحادية والسلطات المحلية في بعض الولايات، في تفاقم الأوضاع وتعقيد الأزمة الإنسانية.
ومع استمرار الأزمات، أثرت أحداث الحرب في أوكرانيا بشكل كبير على اقتصادات العديد من الدول، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة على مستوى العالم. وهذا الارتفاع في التكاليف يزيد من صعوبة حياة الناس في الصومال، حيث يصبح من الصعب عليهم تحمل تكاليف الحياة اليومية.
وفي ضوء هذه التحديات الهائلة، قام برنامج الأغذية العالمي بإطلاق خطة استجابة طارئة تبلغ قيمتها 1.5 مليار دولار، تستهدف تقديم مساعدات غذائية لحوالي 4.5 مليون شخص في الصومال.
وعلى الرغم من هذه الجهود، إلا أن الحاجة إلى دعم إضافي تظل ملحة لمنع وقوع كارثة إنسانية، وفي هذا السياق، أشار ديفيد بيزلي، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، إلى أن "الصومال على حافة كارثة إنسانية"، مؤكدًا على أهمية اتخاذ إجراءات فورية لمساعدة الناس على البقاء على قيد الحياة، ومحذرًا من أن "الوقت ينفد"، مطالبًا بتوفير التمويل الفوري لدعم هذه الجهود وتفادي التداولات الإنسانية المحتملة.
هذه الرحلة القاسية التي يمر بها الصومال، ندرك أن الأزمة الإنسانية الحالية ليست إلا نتيجة تراكمية لعوامل عدة. مع استمرار الجفاف المستمر منذ عام 2021 وتأثيره الكبير على الإنتاج الزراعي، وتصاعد النزاعات الداخلية، أضحت حياة السكان في حالة من التدهور المستمر.
لا يمكن تجاهل تداولات الأحداث على الساحة الدولية، حيث أثرت أحداث الحرب في أوكرانيا بشكلٍ كبير على اقتصادات العديد من البلدان، مما زاد من صعوبات الحياة في الصومال وجعل من التكاليف اليومية أمرًا شاقًا.
في ظل هذا السياق، يبرز دور برنامج الأغذية العالمي في محاولة إدارة هذه الأزمة المعقدة وتخفيف معاناة السكان. ومع إطلاق خطة الاستجابة الطارئة بقيمة 1.5 مليار دولار، يأمل المجتمع الدولي في تقديم الدعم اللازم للناس في الصومال، وخاصةً أن ما يقارب 4.5 مليون شخص يعانون حاليًا من أوضاع صعبة.
تاريخ الصومال شاهد على مروره بعدة محن، ومن بينها مجاعات كارثية، ومن ثم فإن التعاون الدولي والتفاعل الفوري هما السبيل لتخفيف المعاناة والحيلولة دون وقوع مأساة إنسانية لا تُحمد عقباها. يجب أن يكون الدعم المتواصل هو الشريان الحيوي الذي يمد الصومال بالحياة ويعيد بناء قاعدتها الاقتصادية والاجتماعية.
إن عدم التحرك الفوري قد يقود إلى مزيد من التآزر في عناصر الأزمة، مما يبرز أهمية التصدي للتحديات بشكل جماعي وفعّال.